فوائد من كتاب : مقدمة في أصول التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله
٢١- وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه.
٢٣- والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه، وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أريد به، وتأولوه على غير تأويله.
٢٤- وأما الذين يخطؤون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعان صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها.
٢٥- إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.
٢٦- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح
٢٧- قال عبد الله ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناوله المطايا لأتيته.
٢٨- قال الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
٢٩- وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟
٣٠- قال الأعمش عن أبي وائل: استخلف عليّ عبدالله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية: سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.
٣١- ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته؛ لما تقدم. وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
٣٢- فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف؛ أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن ينبه على الصحيح منها، ويبطل الباطل
٣٣- فأما من حكى خلافا في مسالة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه.
٣٤- إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين.
٣٥- كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به
٣٦- فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام
٣٧- فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به. فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه
٣٨- قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم؟!
٣٩- عن ابن أبي مليكة؛ أن ابن عباس سُئِل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها. إسناده صحيح
٤٠- عن يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
٤١- قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله.
٤٢- فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه.
٤٣- فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه؛ لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.
٤٤- أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها (تفسير محمد بن جرير الطبري) . فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة.
٤٥- وأما (الزمخشري) فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات، والرؤية، والقول بخلق القرآن.
تم بحمد الله نقل الجزء الثاني من الفوائد بعدما نقلنا الجزء الأول منها في صفحة سابقة، وبذلك أصبح مجموعها ٤٥ فائدة ، اسأل الله أن ينفع بها ويطرح فيها البركة.
جمعها / عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٢ / ٨ / ١٤٣٧ هجري
لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله
٢١- وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه.
٢٣- والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه، وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أريد به، وتأولوه على غير تأويله.
٢٤- وأما الذين يخطؤون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعان صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها.
٢٥- إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.
٢٦- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح
٢٧- قال عبد الله ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناوله المطايا لأتيته.
٢٨- قال الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
٢٩- وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟
٣٠- قال الأعمش عن أبي وائل: استخلف عليّ عبدالله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية: سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.
٣١- ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته؛ لما تقدم. وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
٣٢- فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف؛ أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن ينبه على الصحيح منها، ويبطل الباطل
٣٣- فأما من حكى خلافا في مسالة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه.
٣٤- إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين.
٣٥- كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به
٣٦- فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام
٣٧- فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به. فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه
٣٨- قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم؟!
٣٩- عن ابن أبي مليكة؛ أن ابن عباس سُئِل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها. إسناده صحيح
٤٠- عن يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
٤١- قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله.
٤٢- فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه.
٤٣- فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه؛ لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.
٤٤- أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها (تفسير محمد بن جرير الطبري) . فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة.
٤٥- وأما (الزمخشري) فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات، والرؤية، والقول بخلق القرآن.
تم بحمد الله نقل الجزء الثاني من الفوائد بعدما نقلنا الجزء الأول منها في صفحة سابقة، وبذلك أصبح مجموعها ٤٥ فائدة ، اسأل الله أن ينفع بها ويطرح فيها البركة.
جمعها / عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٢ / ٨ / ١٤٣٧ هجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق