فوائد قصصية من جزء المجادلة

فوائد قصصية من جزء المجادلة
تفسير ابن كثير


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد : فهذه ١٠ فوائد قصصيّة لطيفة جمعتها من تفسير ابن كثير رحمه الله " من جزء المجادلة " ركّزت فيها على أسباب نزول بعض الآيات ومعانيها من وقائع حدثت للنبي ﷺ أو الصحابة رضي الله عنهم. نسأل الله التوفيق والسداد.




الفائدة الأولى :

روى ابن أبي حاتم قال : جاءت امرأة إلى ابن مسعود فقالت : بلغني أنك تنهى عن الواشمة والواصلة ، أشيء وجدته في كتاب الله أو عن رسول الله  ﷺ ؟ قال : بلى شيء وجدته في كتاب الله وعن رسول الله ﷺ قالت : والله لقد تصفحت ما بين دفتي المصحف فما وجدت فيه الذي تقول! قال : فما وجدت فيه : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ؟ قالت : بلى. قال : فإني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن الواصلة والواشمة والنامصة . قالت : فلعله في بعض أهلك . قال : فادخلي فانظري . فدخلت فنظرت ثم خرجت قالت : ما رأيت بأسا.فقال لها : أما حفظت وصية العبد الصالح : ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ).


الفائدة الثانية :

وقوله : ( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة ; ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي ﷺ زينب رضي الله عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة ، فلما رآها رسول الله ﷺ رقّ لها رقّة شديدة، وقال للمسلمين : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا "  ففعلوا فأطلقه رسول الله ﷺ على أن يبعث ابنته إليه، فوفى له بذلك وصدقه فيما وعده، وبعثها إلى رسول الله ﷺ  مع زيد بن حارثة، رضي الله عنه، فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول، ولم يحدث لها صداقا.


الفائدة الثالثة :

عن عروة أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته : أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ) إلى قوله : ( غفور رحيم ) قال عروة : قالت عائشة : فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات ، قال لها رسول الله ﷺ : " قد بايعتك " ، كلاما ، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، ما يبايعهن إلا بقوله : " قد بايعتك على ذلك " هذا لفظ البخاري .


الفائدة الرابعة :

عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت عتبة تبايع رسول الله ﷺ فأخذ عليها : ( أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ) الآية ، قالت : فوضعت يدها على رأسها حياء ، فأعجبه ما رأى منها ، فقالت عائشة : أقرّي أيتها المرأة ، فوالله ما بايعنا إلا على هذا . قالت : فنعم إذا . فبايعها بالآية .  رواه أحمد


الفائدة الخامسة :

عن ابن عباس في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله - عز وجل - دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به . فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به. فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره، فقال الله سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) . وهذا اختيار ابن جرير .


الفائدة السادسة:

( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) قال زيد بن أرقم : خرجنا مع رسول الله ﷺ في سفر فأصاب الناس شدة وقال عبدالله بن أبي لاصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت النبي ﷺ فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبدالله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا: كذب زيد يا رسول الله فوقع في نفسي مما قالوا فأنزل الله تصديقي "إذا جاءك المنافقون" قال ودعاهم رسول الله ﷺ ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم. متفقٌ عليه


الفائدة السابعة:

عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) - قال : فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله ﷺ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا رسول الله ﷺ رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهمّوا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله هذه الآية : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.


الفائدة الثامنة :

كان رسول الله ﷺ يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله ﷺ من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: " صدق الله ورسوله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ". رواه أهل السُنن


الفائدة التاسعة :

قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله ﷺ يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي ﷺ فلتقل له إني أجد منك "ريح مغافير" أكلت مغافير ؟ فدخل على إحداهما النبي ﷺ فقالت ذلك له فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزلت "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله تعالى - إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" لعائشة وحفصة. رواه البخاري

وفي رواية مسلم : وكان رسول الله ﷺ يشتد عليه أن يوجد منه الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء!

المغافير: شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث



الفائدة العاشرة:

روى ابن أبي حاتم أنّ : عمر بن الخطاب قال: بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي صلى الله عليه وسلم فاستقريتهن أقول لتكفن عن رسول الله ﷺ أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن؟. فأمسكت فأنزل الله عز وجل (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) وهذه المرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري



جمعها : عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٣٠/ ٣/ ١٤٣٨ هجري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;