فوائد قصصية من جزء المجادلة

فوائد قصصية من جزء المجادلة
تفسير ابن كثير


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد : فهذه ١٠ فوائد قصصيّة لطيفة جمعتها من تفسير ابن كثير رحمه الله " من جزء المجادلة " ركّزت فيها على أسباب نزول بعض الآيات ومعانيها من وقائع حدثت للنبي ﷺ أو الصحابة رضي الله عنهم. نسأل الله التوفيق والسداد.




الفائدة الأولى :

روى ابن أبي حاتم قال : جاءت امرأة إلى ابن مسعود فقالت : بلغني أنك تنهى عن الواشمة والواصلة ، أشيء وجدته في كتاب الله أو عن رسول الله  ﷺ ؟ قال : بلى شيء وجدته في كتاب الله وعن رسول الله ﷺ قالت : والله لقد تصفحت ما بين دفتي المصحف فما وجدت فيه الذي تقول! قال : فما وجدت فيه : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ؟ قالت : بلى. قال : فإني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن الواصلة والواشمة والنامصة . قالت : فلعله في بعض أهلك . قال : فادخلي فانظري . فدخلت فنظرت ثم خرجت قالت : ما رأيت بأسا.فقال لها : أما حفظت وصية العبد الصالح : ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ).


الفائدة الثانية :

وقوله : ( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة ; ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي ﷺ زينب رضي الله عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة ، فلما رآها رسول الله ﷺ رقّ لها رقّة شديدة، وقال للمسلمين : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا "  ففعلوا فأطلقه رسول الله ﷺ على أن يبعث ابنته إليه، فوفى له بذلك وصدقه فيما وعده، وبعثها إلى رسول الله ﷺ  مع زيد بن حارثة، رضي الله عنه، فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول، ولم يحدث لها صداقا.


الفائدة الثالثة :

عن عروة أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته : أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ) إلى قوله : ( غفور رحيم ) قال عروة : قالت عائشة : فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات ، قال لها رسول الله ﷺ : " قد بايعتك " ، كلاما ، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، ما يبايعهن إلا بقوله : " قد بايعتك على ذلك " هذا لفظ البخاري .


الفائدة الرابعة :

عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت عتبة تبايع رسول الله ﷺ فأخذ عليها : ( أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ) الآية ، قالت : فوضعت يدها على رأسها حياء ، فأعجبه ما رأى منها ، فقالت عائشة : أقرّي أيتها المرأة ، فوالله ما بايعنا إلا على هذا . قالت : فنعم إذا . فبايعها بالآية .  رواه أحمد


الفائدة الخامسة :

عن ابن عباس في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله - عز وجل - دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به . فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به. فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره، فقال الله سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) . وهذا اختيار ابن جرير .


الفائدة السادسة:

( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) قال زيد بن أرقم : خرجنا مع رسول الله ﷺ في سفر فأصاب الناس شدة وقال عبدالله بن أبي لاصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت النبي ﷺ فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبدالله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا: كذب زيد يا رسول الله فوقع في نفسي مما قالوا فأنزل الله تصديقي "إذا جاءك المنافقون" قال ودعاهم رسول الله ﷺ ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم. متفقٌ عليه


الفائدة السابعة:

عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) - قال : فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله ﷺ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا رسول الله ﷺ رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهمّوا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله هذه الآية : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.


الفائدة الثامنة :

كان رسول الله ﷺ يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله ﷺ من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: " صدق الله ورسوله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ". رواه أهل السُنن


الفائدة التاسعة :

قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله ﷺ يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي ﷺ فلتقل له إني أجد منك "ريح مغافير" أكلت مغافير ؟ فدخل على إحداهما النبي ﷺ فقالت ذلك له فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزلت "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله تعالى - إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" لعائشة وحفصة. رواه البخاري

وفي رواية مسلم : وكان رسول الله ﷺ يشتد عليه أن يوجد منه الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء!

المغافير: شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث



الفائدة العاشرة:

روى ابن أبي حاتم أنّ : عمر بن الخطاب قال: بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي صلى الله عليه وسلم فاستقريتهن أقول لتكفن عن رسول الله ﷺ أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن؟. فأمسكت فأنزل الله عز وجل (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) وهذه المرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري



جمعها : عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٣٠/ ٣/ ١٤٣٨ هجري
تابع القراءة ←

فوائد من كتاب الرسالة التبوكية - لابن القيم

فوائد من كتاب الرسالة التبوكية
لابن القيم رحمه الله

١- البِر : كلمة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد. وفي مقابلته الإثم

فالإثم: كلمة جامعة للشر والعيوب التي يُذم العبد عليها.


٢- {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الأيمان في قلوبكم} .

هؤلاء - على أصح القولين - مسلمون غير منافقين وليسوا بمؤمنين إذ لم يدخل الإيمان في قلوبهم فيباشرها حقيقة.


٣- أما التقوى فحقيقتها : العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابا، أمرًا ونهيًا.


٤- فالوقاية من باب دفع الضرر، والبِر من باب تحصيل المنافع، فالتقوى كالحمية والبر كالعافية والصحة.


٥- الفرق بين الإثم والعدوان : فرق ما بين مُحرّم الجنس ومُحرّم القدْر

فالإثم: ماكان حرامًا لجنسه ( كالزنا والخمر ).
والعدوان: ما حُرِّم الزيادة في قدره، وتعدّي ما أباح الله منه. كـ ( نكاح الخامسة ).


٦- إذ الهجرة هجرتان:

الهجرة الأولى: هجرة بالجسم من بلد إلى بلد، وهذه أحكامها معلومة وليس المراد الكلام فيها.

والهجرة الثانية: الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله، وهذه هي المقصودة هنا. وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها.


٧- فحدّ هذه الهجرة: سفر الفكر في كل مسألة من مسائل الإيمان، ونازلة من نوازل القلوب، وحادثة من حوادث الأحكام، إلى معدن الهُدى ومنبع النور المُتلقّى من فم الصادق المصدوق.


٨- والمقصود أن هذه الهجرة ( أي الهجرة لسنّة الرسول ) فرض على كل مسلم، وهي مُقتضى شهادة أن محمد رسول الله.


٩- ( شُهداء لله ) والشاهد هو المُخبر، فإن أخبر بحق فهو شاهد عدل مقبول، وإن أخبر بباطل فهو شاهد زور. فأمر تعالى أن نكون شهداء له مع القيام بالقسط، وهذا يتضمن أن تكون الشهادة بالقسط أيضًا، وأن تكون لله لا لغيره.


١٠- ‏قال بعض السلف : العادل هو الذي إذا غضب لم يُدخله غضبه في باطل، وإذا رضي لم يُخرجه رضاه عن الحق.


‏١١- ( فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا )

‏نهاهم عن اتّباع الهوى الحامل صاحبه على ترك العدل.


١٢- والليّ مثل الفتل وهو التحريف . وهو نوعان

١- ليّ في اللفظ ( بزيادة أو نقصان )
٢- ليّ في المعنى ( تحريفه وتأويله على خلاف مراد المتكلم ).


١٣- والمقصود أن الواجب الذي لا يتم الإيمان بل لا يحصل مُسمّى الإيمان إلا به، مقابلة النصوص بالتلقّي والقبول ودعوة الخلق لها، لا تُقابل بالإعراض تارة وبالليّ أُخرى.


١٤- قد حكى الشافعي رحمه الله إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن من استبانت له سنّة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد.


١٥- ( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول • فإن تولّوا فإنما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمّلتم )

والمعنى : أنه قد حُمِّل أداء الرسالة وتبليغها، وحُمِّلتم طاعته والانقياد له والتسليم.


١٦- وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في أولي الأمر فعنه روايتان: أنهم العلماء، وأنهم الأمراء

والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الآية، والصحيح أن الآية متناولة للصنفين جميعا.

فالعلماء: وُلاته حفظًا وبياناً وتبليغًا
والأمراء: وُلاته قيامًا ورعاية وإلزامًا للناس به.


١٧- ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ... )

قد اتفق السلف والخلف على أن الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته.


١٨- فانحصر الكمال الإنساني في هذه المراتب الأربع:

١- العلم بما جاء به الرسول ﷺ
٢- العمل به
٣- بثّه في الناس ودعوتهم إليه
٤- صبره وجهاده في أدائه وتنفيذه.


١٩- {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}

وقيّد سبحانه هذه التبعية بأنها تبعية بإحسان ليست مطلقة فتحصل بمجرد النية والإتباع في شيء والمخالفة في غيره، ولكن تبعية مصاحبة الإحسان، وأن الباء ها هنا للمصاحبة، والإحسان والمتابعة شرط في حصول رضى الله عنهم وجناته.


٢٠- فشبّه النبي ﷺ العلم الذي جاء به بالغيث، لأن كلاً منهما سبب الحياة، فالغيث سبب حياة الأبدان، والعلم سبب حياة القلوب


٢١- الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث:

١- أرض زكيّة قابلة للشرب والنبات
٢-أرض صلبة قابلة لثبوت الماء فيها وحفظه.
٣- أرض قاع وهو المستوي الذي لا يقبل النبات ولا يُمسك ماءً.


٢٢- وقوله ( فجاء بعجل سمين ) يتضمن ثلاثة أنواع من المدح:

١- خدمة ضيفه بنفسه
٢- أنه جاءهم بحيوان تام لم يأتهم ببعضه، ليتخيروا من أطايب لحمه ما شاءؤا
٣- أنه سمين ليس بمهزول، وهذا من نفائس الأموال.



٢٣- ثم قال تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين}

ففرّق بين الإسلام والإيمان هنا لسر اقتضاه الكلام، فإن الإخراج هنا عبارة عن النجاة فهو، إخراج نجاة من العذاب ولا ريب إن هذا مختص بالمؤمنين المتبعين للرسل ظاهرا وباطنا.
وقوله تعالى: {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} لما كان الموجودون من المخرجين أوقع اسم الإسلام عليهم لأن امرأة لوط كانت من أهل هذا البيت وهي مسلمة في الظاهر، فكانت في البيت الموجودين لا في القوم الناجيين.


٢٤- فانفراد العبد في طريق طلبِه دليل على صدق المحبة.


٢٥- كان السلف يتواصون بهذه الكلمات : " من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله مؤونة دنياه ".



جمعها : عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٢٩/ ٣/ ١٤٣٨ هجري

تابع القراءة ←

من أسباب العفاف

من أسباب العفاف

١- مجاهدة النفس بأنواع المجاهدة(ومن يستعفف يعفّه الله).

٢- الدعاء فالدعاء من أعظم الأسلحة، في الحديث (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ).

٣- المحافظة على الصلوات ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وقال ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا ).

٤- البعد عن مواطن الفتن (ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه) قال ابن الجوزي "من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة"

٥- مرافقة الصالحين ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ). فالرفيق الصالح من حسناته أن مجالسته تدعوك للبعد عن الفواحش.

٦- الزواج لمن استطاع والصيام لمن عجز عنه (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصيام).

٧- الإخلاص ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ).


عبدالله الزوبعي
تابع القراءة ←

٢٠ فائدة من كتاب العبودية - لشيخ الإسلام ابن تيمية

فوائد من كتاب العبودية لابن تيمية رحمه الله.



١- [ العبادة هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ].

٢- وقد نعته الله بالعبودية في أكمل أحواله:

فقال في الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)
وقال في الإيحاء: (فأوحى إلى عبده ما أوحى) وقال في الدعوة: (وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا)
وقال في التحدي: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله).

٣- [ والدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال: دنته فدان، أي: ذللته فذل، ويقال: يدين الله، ويدين لله، أي: يعبد الله ويطيعه ويخضع له، فدين الله: عبادته وطاعته والخضوع له، والعبادة أصل معناها الذل أيضا، يقال: طريق معبد إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له ].

٤- فالإله: [ هو الذي يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف والرجاء ونحو ذلك].

٥- [ وأما العبد بمعنى : المعبّد سواء أقر بذلك أو أنكره فهذا المعنى يشترك فيه المؤمن والكافر. ]

٦- [ وآدم عليه السلام لم يحتج على موسى بالقدر ظنا أن المذنب يحتج بالقدر، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل، ولو كان هذا عذرا لكان عذرا لإبليس، وقوم نوح، وقوم هود وكل كافر، ولا موسى لام آدم أيضا، لأجل الذنب، فإن آدم قد تاب إلى ربه فاجتباه وهداه، ولكن لامه لأجل المصيبة التي لحقتهم بالخطيئة].

٧- [ وما قدر من المصائب يجب الاستسلام له فإنه من تمام الرضا بالله ربا.  وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعائب ويصبر على المصائب قال تعالى: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك.  ]

٨- [ والنصارى إنما كفرهم الله بأن قالوا بالحلول، واتحاد الرب بالمسيح خاصة، فكيف من جعل ذلك عاما في كل مخلوق؟! ].

٩- [ وهؤلاء الذين يشهدون الحقيقة الكونية -وهي ربوبيته لكل شيء- ويجعلون ذلك مانعا من اتباع أمره الديني الشرعي على مراتب في الضلال :
فغلاتهم يجعلون ذلك مطلقا عاما، فيحتجون بالقدر في كل ما يخالفون فيه الشريعة. ومنهم صنف يدعون التحقيق والمعرفة فيزعمون أن الأمر والنهي لازم لمن شهد لنفسه فعلا، وأثبت له صنعا، أما من شهد أن أفعاله مخلوقة، أو أنه مجبور على ذلك، وأن الله هو المتصرف فيه كما يحرك سائر المتحركات، فإنه يرتفع عنه الأمر والنهي والوعد والوعيد ].

١٠- [ بل كل من احتج بالقدر فإنه متناقض؛ فإنه لا يمكنه أن يقر كل آدمي على ما يفعل ويقال له: إن كان القدر حجة فدع كل أحد يفعل ما يشاء بك وبغيرك، وإن لم يكن حجة بطل أصل قولك: إن القدر حجة].

١١- [ الحسنات هي ما أحبه الله ورسوله، وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب. ]

١٢- [ ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الأصل، وإنما أبيحت للضرورة، وفي النهي عنها أحاديث كثيرة في الصحاح، وفي السنن، والمسانيد كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة من لحم ].

١٣- [ فجعل الله لأهل المحبة علامتين: اتباع الرسول، والجهاد في سبيله؛ وذلك لأن حقيقة الجهاد: الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، وفي دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان ].

١٤- [ فحقيقة المحبة لا تتم إلا بموالاة المحبوب، وهو موافقته في حب ما يحب وبغض ما يبغض، والله يحب الإيمان والتقوى، ويبغض الكفر والفسوق والعصيان ].

١٥- [ والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة، وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلة الفاعلية].

١٦- [ قال من قال من السلف : من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجىء، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد ].

١٧- [ وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من الجهل بالدين، إما من تعدي حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها ].

١٨- فإن الفناء ثلاثة أنواع :
- نوع للكاملين من الأنبياء والصديقين : الفناء عن إرادة ما سوى الله.
- نوع للقاصدين من الأولياء والصالحين : الفناء عن شهود السوى.
- نوع للمنافقين المحلدين المشبّهين : أن يشهد أن لا موجود إلا الله.

١٩- [ وكل المشايخ الذين يقتدى بهم في الدين متفقون على ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، من أن الخالق سبحانه مباين للمخلوقات، وليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأنه يجب إفراد القديم عن الحادث، وتمييز الخالق عن المخلوق ].

٢٠- [ وجماع الدين أصلان: ألا نعبد إلا الله, ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ].



جمعها: عبدالله الزوبعي
بتاريخ ١٤/ ٣/ ١٤٣٨ هجري
تابع القراءة ←

فوائد من كتاب تعليم المتعلم - لبرهان الدين الزرنوجي

فوائد من كتاب : تعليم المتعلِّم طريق التعلُّم
لبرُهان الدين الزرنوجي رحمه الله



١- قيل لمحمد بن الحسن: " ألا تصنّف كتابًا في الزهد؟ قال: صنّفت كتابًا في: البيوع " يعني الزاهد من يتحرّز عن الشبهات والمكروهات في التجارات.


٢- وشرف العلم لا يخفى على أحد، إذ هو المختص بالإنسانيّة، لأن جميع الخصال يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات، كالشجاعة والجود والشفقة وغيرها، سوى العلم.


٣- قال أبو حنيفة: الفقة معرفة النفس مالها وما عليها، وقال: ما العلم إلا للعمل به، والعمل به: ترك العاجل للآجل.


٤- كم من عمل يُتصوّر بصورة أعمال الدنيا، ويصير بحسن النية من أعمال الآخرة، وكم من عمل يُتصوّر بصورة أعمال الآخرة، ويصير بسوء النية من أعمال الدنيا.


٥- وإياك أن تشتغل بهذا الجدال الذي ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء، فإنه يُبعد عن الفقه، ويضيّع العمر، ويُورث الوحشة والعداوة، وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلم والفقه.


٦- قال علي رضي الله عنه: أنا عبد من علّمني حرفًا واحدا.


٧- ومن توقير المعلِّم : ألّا يمشي أمامه، ولا يجلس مكانه، ولا يبتدىء الكلام عنده إلا بإذنه، ولا يكثر الكلام عنده، ولا يسأل شيئًا عند ملالته، ويُراعي الوقت.

٨- ومن توقير المعلِّم : توقير أولاده ومن يتعلّق به.


٩- ومن تعظيم العلم تعظيم الشُركاء في طلب العلم والدرس ومَن يُتعلَّم منه.


١٠- كان الشيخ شرف الدين العقيلي يقول : الصواب عندي في هذا ما يفعله مشايخنا، فإنهم كانوا يختارون للمبتدىء صغارات المبسوطات لأنه أقرب للفهم والضبط، وأبعد عن الملالة وأكثر وقوعًا بين الناس.


١١- روى أبو حنيفة عن عبدالله بن الحسن الزُبيدي قال: " من تفقّه في دين الله، كفاه الله تعالى همّه، ورزقه من حيث لا يحتسب ".


١٢- وينبغي لطالب العلم أن يستغرق جميع أوقاته، فإذا ملّ من علم، يشتغل بعلم آخر.


١٣- كان ابن عباس رضي الله عنهما: إذا ملّ من الكلام يقول: هاتوا ديوان الشعراء


١٤- قيل: عليك أن تشتغل بمصالح نفسك لا بقهر عدوّك، فإذا أقمت مصالح نفسك تضمّن ذلك قهر عدوّك.


١٥- العمر قصير والعلم كثير، فينبغي ألّا يضيّع الأوقات والساعات، ويغتنم الليالي والخلوات.


١٦- قال يحيى بن معاذ الرازي: الليل طويل فلا تُقصِّره بمنامك، والنهار مُضيء فلا تُكدِّره بآثامك.


١٧- لا بد لطالب العلم من تحمُّل المشقّة والمذلّة في طلب العلم.


١٨- فكلما كان طالب العلم أوْرع، كان علمه أنفع، والتعلّم له أيسر وفوائده أكثر.


١٩- ينبغي لطالب العلم ألّا يتهاون بالآداب والسنن، فإن من تهاون بالآداب حُرِم السُنن، ومن تهاون بالسُنن حُرِم الفرائض، ومن تهاون بالفرائض حُرِم الآخرة.


٢٠- وينبغي أن يُكثر الصلاة، ويصلي صلاة الخاشعين، فإن ذلك عون له على التحصيل والتعلُّم.


٢١- وأقوى أسباب الحفظ: الجِد، والمواظبة، وتقليل الغذاء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن.


٢٢- وأما ما يُورث النسيان: المعاصي وكثرة الذنوب، والهموم والأحزان في أمور الدنيا، وكثرة الأشغال والعلائق.


٢٣- هموم الدنيا لا تخلو عن الظُلمة في القلب، وهموم الآخرة لا تخلو عن النور في القلب.


والله أعلم.

جمعها : عبدالله الزوبعي
بتاريخ : ٨/ ٣/ ١٤٣٨ هجري

تابع القراءة ←
;